الأربعاء 2 جمادي الآخر 1446
حكم البول قائما
الخميس 14 أكتوبر 2021 2:00 مساءاً
601 مشاهدة
مشاركة

اختلف العلماء في حكم البول قائما، فالجمهور على كراهة ذلك وهو رواية عن الإمام أحمد، والمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يكره البول قائما إن أمن تلوثا وناظرا إليه، وفي الباب أحاديث على قسمين:

القسم الأول: الأحاديث التي جاءت بإثبات أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبول قاعدا، ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (من حدثكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا) [ت 12 ن 29، جه 307، وصححه الألباني، وصححه المعلق على زاد المعاد 1/171]

وعن عبد الرحمن ابن حسنة قال: (خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي يده كهيئة الدَّرَقَة -الدرع من الجلد- فوضعها ثم جلس خلفها فبال إليها، فقال بعض القوم: انظروا يبول كما تبول المرأة، فسمعه فقال: أو ما علمت ما أصاب صاحبَ بني إسرائيل، كانوا إذا أصابهم شيء من البول قرضوه بالمقاريض، فنهاهم صاحبهم، فعذب في قبره) [حم 17304، د 22، جه 309، وصححه الحافظ في الفتح] 

واختلف العلماء في القائل فمنهم من قال إنه منافق، ومنهم من قال إنه مؤمن تعجب لما رآه من مخالفة عادتهم في الجاهلية حيث يزعمون أن شهامة الرجل تقتضي عدم حيائه من البول قائما، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (أما علمت) الخ يريد أن بني إسرائيل كانوا مأمورين بأنه إذا أصابهم شيء من البول قرضوه، فنهاهم رجل منهم، فعذب هذا الرجل في قبره بسبب هذه المخالفة والعصيان، فحذرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإنكار على من احترز من البول فبال قاعدا لئلا يصيبهم ما أصاب صاحب بني إسرائيل، وهذا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخالفهم لما فيه من الستر والتحرز من البول.

القسم الثاني: الأحاديث التي جاءت بإثبات بول النبي -صلى الله عليه وسلم- قائما، وهو حديث حذيفة بن اليمان: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى سباطة -المزبلة- قوم فبال قائما) [خ 224، م 273] 

وللعلماء في الجمع بين حديث عائشة وحديث حذيفة وجوه:

الوجه الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بال قائما لبيان الجواز.

الوجه الثاني: أنه فعل ذلك لوجع كان بمأبضيه، والمأبض هو باطن الركبة فكأنه لم يتمكن من القعود، فقد روى البيهقي في سننه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (بال قائما من جرح كان بمأبضه) [هق 1/101، والحديث ضعفه البيهقي والدارقطني، وأشار الحافظ إلى تضعيفه، فتح الباري 1/330، وانظر شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/147 حاشية 2].

الوجه الثالث: أنه بال قائما لوجع الصلب، ومن عادة العرب أنهم يستشفون من مرض الصلب بالبول قائما.

الوجه الرابع: أنه بال قائما لأن المكان كان نجسا، ولذلك قال: (أتى سباطة قوم) أي المزبلة. [انظر زاد المعاد 1/171، 172] 

والأقرب أن البول قائما جائز إذا أمن التنجس، أما حديث عمر -رضي الله عنه- قال: (رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبول قائما فقال يا عمر لا تبل قائما، فما بلت قائما بعد) [جه 308، ضعفه البوصيري، والألباني، والمعلق على زاد المعاد 1/172] فهو حديث ضعيف فيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف، ومثله حديث جابر -رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبول قائما) [جه 309، وضعفه الألباني]