الجمعة 25 جمادي الآخر 1446
غسل اليدين إلى المرفقين
الإثنين 07 مارس 2022 2:00 مساءاً
756 مشاهدة
مشاركة

غسل اليدين إلى المرفقين 

** وهو فرض باتفاق أهل العلم، لقول الله تعالى {وأيديكم إلى المرافق}

** هل يجب إدخال المرفقين في الغسل؟ فيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: وهو مذهب جماهير العلماء أن إدخال المرفقين واجب، واستدلوا بما يأتي: 

1- فعله -صلى الله عليه وسلم- وفعله -صلى الله عليه وسلم- كان بيانا لمجمل فيأخذ حكم المجمل، فقد ثبت في حديث نعيم المجمر قال: (رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ، وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله) [م 246]

2- أن [إلى] في الآية هي بمعنى مع، كما قال تعالى {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} 

3- حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه) [قط] والحديث ضعفه الدارقطني والنووي وابن الصلاح وابن الجوزي وابن حجر.

القول الثاني: وقد نسب هذا القول إلى داود الظاهري وزفر ونسبه بعضهم إلى الطبري، ونسبه صاحب المغني إلى بعض أصحاب مالك، أن إدخال المرفقين غير واجب، واستدلوا بما يأتي: 

1- أن ما بعد (إلى) لا يدخل في الغاية، بدليل قوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل}.

وأجيب عن هذا بأن الغاية إذا جاءت فلها حالتان: الأولى: أن تكون الغاية من جنس المغيا، يعني من جنس ما قبلها، والثانية أن تكون من غير جنس الـمُغَيَّا، فإن كانت الغاية من جنس المغيا دخلت، والعكس، فمثال الدخول قوله تعالى {ويزدكم قوة إلى قوتكم} يعني مع قوتكم، والمرفقين من جنس اليد فتدخلان، أما قوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل} فالليل ليس من جنس النهار المأمور بصومه فلم يدخل الليل.

2- أن اليد في اللغة تطلق على ما دون المرفق.

ورد هذا بأن العبرة بالحقيقة الشرعية قبل اللغوية.

** هل يجب غسل الكفين مع اليدين إلى المرفقين؟ فيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: وهو مذهب الشافعية والحنابلة أنه يجب غسل مع اليدين إلى المرفقين، ولا يكتفي بغسلهما أول الوضوء، لأن غسلهما أول الوضوء سنة، وغسلهما مع اليدين واجب، وهذا القول هو الراجح.

القول الثاني: وهو مذهب الحنفية والمالكية أنه يجزيء غسلهما أول الوضوء عن غسلهما مع اليدين إلى المرفقين، واشترط المالكية أن ينوي عند غسله الكفين رفع الحدث عنهما.

ومنشأ الخلاف اختلاف العلماء في حكم الترتيب، فمن لم يشترط الترتيب قال إن غسل الكفين أول الوضوء يجزيء عن غسلهما مع المرفقين بناء على تداخل العملين لاتحاد المقصود، فيكفي أحدهما عن الآخر، ومن اشترط الترتيب منع التداخل. [التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي ص313 وما بعدها]

** وهل يجب أن يخلل بين أصابعه؟ اختلف العلماء في ذلك، فقال بعض العلماء بوجوب التخليل، وهو رواية عن الإمام مالك واختيار الصنعاني والشوكاني، واستدلوا بأدلة منها:

1- حديث لقيط بن صَبِرة: (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) [د 142، ن 114، جه 448، ت 788، وصححه ابن حجر والنووي وغيرهما]

2- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك) [ت 39، جه 447 وفي إسناده صالح مولى التوأمة، واسمه صالح ابن نبهان، وهو صدوق اختلط بآخره، وقد روى عنه هذا الحديث موسى بن عقبة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط فحديثه حسن، وقد حسنه البخاري والنووي، وقال الألباني: "حسن صحيح"]

3- عن المستورد بن شداد قال: (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره) [حم 17549، د 148، ت 40، جه 446، وصححه الألباني] والحديث ضعفه النووي وعبد الحق الأشبيلي، وقال مالك إنه حسن.

والصحيح ما عليه الجمهور أن التخليل سنة إذا تيقن وصول الماء إلى جميع العضو وإلا وجب، لأن المقصود إيصال الماء إلى العضو فيحصل بالتخليل وبغيره، ويدل لذلك أن التخليل صفة للغسل وليس غسلا لموضع ينبغي غسله، فإذا حصل المقصود منه بدونه لم يجب، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلمه الأعرابي الذي سأله عن الوضوء كما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله كيف الطُّهور؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثا، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم) [حم 6646، د 135، ن 140، وحسنه الألباني]

ولهذا قال ابن القيم: "وكذلك تخليل الأصابع لم يكن يحافظ عليه، وفي السنن عن المستورد بن شداد: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره)، وهذا إن ثبت عنه فإنما كان يفعله أحيانا، ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد والربيع وغيرهم، على أن في إسناده عبد الله بن لهيعة" [زاد المعاد 1/198]

** هل يجب دلك أعضاء الوضوء؟ فيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: وهو مذهب الجماهير أنه ليس بواجب، واستدلوا بأنه ورد من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث المستورد بن شداد قال: (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره) [حم 17549، د 148، ت 40، جه 446، وصححه الألباني] والحديث ضعفه النووي وعبد الحق الأشبيلي، وقال مالك إنه حسن، وفي حديث عبد الله بن زيد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فجعل يقول هكذا يدلك) [حم 16006، وحسنه النووي في المجموع] 

القول الثاني: أن الدلك واجب في الغسل والوضو، وهو مذهب المالكية واختيار بعض الشافعية، واستدلوا بأن الوضوء والغسل هو إمرار اليد، ولهذا لا يقال للواقف في المطر إنه اغتسل.

وأجيب عنه بأنه لو وقف بنية الاغتسال عد مغتسلا ولو لم يدلك.

** وهل يجب أن يحرك خاتمه إذا كان ضيقا؟ جمهور العلماء على أنه يجب ذلك حتى يتيقن وصول الماء، وقال المالكية: لا يجب تحريك الخاتم المأذون فيه لرجل أو امرأة ولو ضيقا لا يدخل الماء تحته، ولا يعد حائلا لأنه مأذون فيه، أما غير المأذون فيه كالذهب للرجل فلا بد من نزعه لصحة الوضوء ما لم يكن واسعا. [الموسوعة الكويتية 11/30]