الإثنين 12 ربيع الأول 1446
مس المرأة
الثلاثاء 12 أبريل 2022 2:00 مساءاً
461 مشاهدة
مشاركة

** اختلف العلماء في مس المرأة هل هو ناقض للوضوء أم لا على أقوال: 

القول الأول: أن لمس المرأة ينقض الوضوء إذا كان بشهوة، وهذا مذهب المالكية والحنابلة وفقهاء أهل المدينة، واستدلوا بأدلة منها:

1- قوله تعالى {أو لامستم النساء}، وهذا محمول على ما كان بشهوة للدليل الثاني.

2- عن عائشة -رضي الله عنها- قال: (كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) [خ 382، م 512] ولو كان مجرد اللمس ناقضا لانتقض وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- واستأنف الصلاة.

وأجيب بأنه يحتمل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسها بظفره والظفر في حكم المنفصل، ويحتمل أنه مسها بحائل، والدليل إذا دخله الاحتمال بطل الاستدلال به، ولكن هذا الجواب ضعيف.

3- أن إيجاب الوضوء بمجرد اللمس فيه مشقة عظيمة.

4- أن الشهوة مظنة الحدث.

القول الثاني: أن لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقا، وهذا مذهب الشافعي، ودليلهم قوله تعالى {أو لامستم النساء} ومعنى لامستم أي لمستم بدليل القراءة الثانية {أو لمستم}، وهذا تفسير ابن عمر -رضي الله عنهما-، وكان ابن عمر يقول: "قبلة الرجل امرأته ومسها بيده من الملامسة"، وقد نسب هذا التفسير إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- أيضا كما سيأتي بيانه، وقالوا إن حديث عائشة -رضي الله عنها- يرد عليه الاحتمال.

وأجيب عن هذا الاستدلال من وجوه: 

الأول: أن الآية فسرها حبر الأمة ابن عباس -رضي الله عنهما- بالجماع.

الثاني: أن الملامسة جاءت في القرآن في مواضع عديدة منها {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن} والمراد هنا الجماع.

الثالث: أن الآية عند التأمل فيها إشارة إلى أن المقصود بالملامسة الجماع، فقد ذكر الله تعالى أول الآية الطهارة الصغرى ثم الكبرى بالماء، ثم ذكر الطهارتين بالتيمم.


القول الثالث: أن لمس المرأة لا ينقض مطلقا، وهذا هو القول الراجح، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بما يأتي:

1- حديث عائشة -رضي الله عنها-: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ) [حم 25238، ت 86، ن 170، جه 502] 

وهذا الحديث ضعفه البخاري ويحيى بن معين والبيهقي وابن حجر في التلخيص الحبير 1/363.

وقواه ابن تيمية في شرح العمدة، وابن عبد البر والشوكاني وغيرهم، وقوى الحافظ ابن حجر رواية البزار من حديث عطاء عن عائشة كما في التلخيص الحبير 3/287، والحديث صححه الألباني. [ينظر موسوعة أحكام الطهارة للدبيان 10/798]

وسبب الاختلاف في صحة الحديث أنه جاء من طريق إبراهيم التيمي عن عائشة، وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة، وجاء من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة.

واختلف في تعيين عروة، هل هو المزني المجهول، أم عروة بن الزبير، وإذا كان عروة بن الزبير فإن جمعا من الأئمة كسفيان وأحمد وابن القطان والبخاري ويحيى بن معين وأبي حاتم الرازي ذكروا أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع منه شيئا، وإن كان بعض الأئمة كأبي داود وابن عبد البر صححوا سماعه منه. 

قال ابن تيمية: "رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، ورواه إبراهيم التيمي عن عائشة أخرجه أبو داود والنسائي، وقد احتج به أحمد في رواية حنبل.

وقد تكلم هو وغيره في الطريق الأولى بأن عروة المذكور هو عروة المزني كذلك قال سفيان الثوري: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، وعروة هذا لم يدرك عائشة، وإن كان عروة بن الزبير فإن حبيبا لم يدركه، قال إسحاق بن راهويه: لا تظنوا أن حبيبا لقي عروة.

وفي الثاني: بأن إبراهيم التيمي لا يصح سماعه من عائشة.

وجواب هذا أن عامة ما في الإسناد نوع إرسال وإذا أرسل الحديث من وجهين مختلفين اعتضد أحدهما بالآخر، لا سيما وقد رواه البزار بإسناد جيد عن عطاء عن عائشة رضي الله عنهما مثله" [شرح العمدة 1/314]، ورواية البزار قواها الحافظ ابن حجر كما سبق.

وقال ابن تيمية: "اختلف في صحة هذا الحديث لكن لا خلاف أنه لم ينقل عنه أنه توضأ من المس" [مجموع الفتاوى 35/358]

2- حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق في القول الأول.

3- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) [م 486]

وأجيب بأن هذا مس من المرأة للرجل، وليس العكس.

4- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله) [ن 166، وسنده صحيح]، وفي رواية: (لقد رأيتموني معترضة بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إلي ثم يسجد) [ن 167، وصححه الألباني]

5- البراءة الأصلية.