السبت 21 جمادي الأولى 1446
خروج المني دفقا بلذة
الخميس 14 أبريل 2022 2:00 مساءاً
1361 مشاهدة
مشاركة

** اختلف العلماء في صفة المني الخارج الموجب للغسل على أقوال: 

القول الأول: أنه إن خرج دفقا بلذة أوجب الغسل، وإلا فلا يوجب الغسل، وهو مذهب الجمهور، واستدلوا بما يأتي:

1- قوله تعالى {وإن كنتم جنبا فاطهروا} والجنب: هو الذي خرج منه المني دفقا بلذة.

2- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعا: (إنما الماء من الماء) [م 343] 

3- أن الله تعالى وصف الماء بأنه دافق، وذلك في قوله تعالى {خلق من ماء دافق} 

القول الثاني: أن خروج المني موجب للغسل مطلقا، وإن خرج بلا لذة، وهو مذهب الشافعية، واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعا: (إنما الماء من الماء) [م 343] فلم يشترط فيه أن يكون دفقا ولا أن يكون بلذة.

وأجيب عنه بأنه يحمل على المعهود المعروف، فخروج المني المعهود منه أن يكون دفقا بلذة.

القول الثالث: أن خروج المني بذلة موجب للغسل، ولا يشترط أن يخرج دفقا، فإن خرج بلا لذة لم يوجب الغسل، وهو مذهب المالكية.

وأجيب بأنه لا يمكن أن يخرج بلذة إلا إذا كان دفقا. [المغني 1/128] 

** لا يشترط بالنسبة للنائم أن يخرج المني دفقا بلذة، لأن النائم لا يشعر، ويدل لذلك حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال: نعم إذا رأت الماء) [خ 282، م 313] 

** للمني ثلاث علامات:

الأولى: أن يخرج دفقا.

الثانية: رائحته، فإذا كان يابسا فإن رائحته تكون كرائحة البيض، وإذا كان غير يابس فرائحته تكون كرائحة الطين واللقاح.

الثالثة: فتور البدن بعد خروجه.


** إن خرج مني بعد الاغتسال ففيه خلاف بين العلماء: 

القول الأول: وهو مذهب الجمهور، أنه لا يعيد الغسل واستدلوا بما يأتي: 

1- أن السبب واحد، فلا يوجب غسلين.

2- أنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذة، ولا يجب الغسل إلا إذا خرج بلذة.

القول الثاني: وهو مذهب الشافعية ورواية عن الإمام أحمد أنه يعيد الغسل مطلقا، لأن الشافعية لا يشترطون الدفق ولا اللذة.

القول الثالث: وهو مذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد أنه إذا خرج قبل البول وجب الغسل، وإذا خرج بعده لم يجب، ووجه ذلك أن خروجه قبل البول، هو بقية المني الأول الذي خرج دفقا بلذة فيوجب الغسل، أما خروجه بعد البول، فهو خروج لمني بدون دفق ولا لذة فلا يوجب الغسل.

القول الرابع: وهو رواية عن الإمام أحمد أنه إذا خرج بعد البول وجب الغسل، لأنه مني جديد، وإذا خرج قبله لم يجب لأنه من المني السابق. [الإنصاف 1/231، المغني 1/129] 


** الشك واليقين في المني له أربع حالات: 

الحالة الأولى: إذا احتلم ولم ير الماء، فلا يجب عليه الغسل عند الجماهير وحكي إجماعا، وقد ذكر بعضهم رواية عن الإمام أحمد أنه يجب عليه الاغتسال، وفي قول عند الحنفية أنه يجب على المرأة دون الرجل.

الحالة الثانية: إذا رأى بللا وعلم أنه مني، ولم يذكر احتلاما، فإنه يجب عليه الغسل عند جماهير العلماء إلا قولا شاذا للشافعية وقولا للمالكية. [الموسوعة الكويتية 2/97]

وقد جاء في الحالتين حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجد البلل، ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللا، قال: لا غسل عليه) [حم 25663، ت 113، د 236، وصححه الألباني] لكن الحديث معلول، قال الترمذي: "عبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث"، وقال ابن رجب: "وقد استنكر أحمد هذا الحديث في رواية مهنا، وقال في رواية الفضل ابن زياد: أذهب إليه" [فتح الباري لابن رجب 1/342]، والحديث ضعفه أيضا عبد الحق والنووي وابن العربي، وقال الحافظ ابن حجر: "حسن من هذا الوجه، غريب بهذا اللفظ". [عارضة الأحوذي 1/154، موافقة الخبر الخبر 2/27]


الحالة الثالثة: إذا رأى بللا وتيقن أنه مذي، فالجمهور على أنه لا يجب عليه الغسل، لأن المذي لا يوجب الغسل، وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الغسل مطلقا، ذكر احتلاما أم لم يذكر، واستدل بأن المني يرق مع طول المدة فيصير كالمذي، وذهب أبو يوسف إلى أنه يجب الغسل إذا ذكر الاحتلاما لا العكس.

الحالة الرابعة: إذا رأى بللا وشك هل هو مني أم مذي، ففيه تفصيل: 

أولا: إذا سبق نومه دواعي خروج المذي كفكر أو نظر وغيرها، فإنه يحكم بأنه مذي عند الحنفية والحنابلة، وقال المالكية يحكم بأنه مني.

ثانيا: إذا لم يسبق نومه شيء من ذلك، ففيه خلاف بين العلماء: 

القول الأول: وهو مذهب الجمهور أن له حكم المني فيجب الغسل، لأن الغالب فيما يخرج بعد المنام أن يكون منيا.

القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد أنه يجب عليه الغسل إن ذكر احتلاما ووجد ماء لا يدري هل هو مني أم مذي، فإن لم يذكر احتلاما فلا شيء عليه.

القول الثالث: وهو وجه للشافعية ورواية عن الإمام أحمد واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم أنه لا يجب الغسل مطلقا، لأن الطهارة الكبرى متيقنة فلا تزول بمجرد الشك.

القول الرابع: وهو المشهور من مذهب الشافعية أنه مخير، فإن اختار أنه مني فعليه الغسل، وإلا فعليه الوضوء وغسل فرجه، ووجه ذلك أن الغسل غير متيقن وجوبه عليه، فإن أوجبه على نفسه فله ذلك.

القول الخامس: وهو وجه للشافعية أنه يلزمه الوضوء والغسل احتياطا لكلا الأمرين.
والأقرب هو القول الثاني، لأننا خرجنا عن أصل الطهارة بالقرينة القوية وهي الاحتلام، وإلا فالأصل الطهارة وعدم انشغال الذمة. [شرح العمدة لابن تيمية 1/353]