الأحد 4 ربيع الأول 1446
الغسل للإحرام والطواف والعيدين وليوم عرفة
الأربعاء 20 أبريل 2022 2:00 مساءاً
477 مشاهدة
مشاركة

الغسل للإحرام

** جماهير العلماء على استحباب هذا الغسل، سواء أكان المحرم ذكرا أم أنثى صغير أم كبيرا، حتى الحائض والنفساء، واستدلوا بما يأتي: 

1- أمره -صلى الله عليه وسلم- فإنه أمر أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- حينما نفست فقال لها: (اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي) [م 1218]، وفي قصة أسماء بنت عميس ثلاث فوائد، الأولى: سنية الغسل للإحرام، والثانية: أن الحائض والنفساء تغتسل للإحرام أيضا، والثالثة: أن الإحرام يصح من الحائض والنفساء. [انظر زاد المعاد 2/160] 

2- عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل) [ت 830، خز 2959، هق 8726، وقال الحافظ في التلخيص: "حسنه الترمذي وضعفه العقيلي"، وقال الزيلعي في نصب الراية 3/17: "قال ابن القطان في كتابه وإنما حسنه الترمذي ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني أجهدت نفسي في معرفته فلم أجد أحدا ذكره"، وصححه الألباني، وحسنه المعلق على زاد المعاد 2/106، وضعفه المعلق على سنن الدارمي لجهالة عبد الله بن يعقوب]

3- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "من السنة أن يغتسل عند إحرامه وعند مدخل مكة" [طب 13/275] وهذا له حكم الرفع.

وذهب ابن حزم إلى وجوب الغسل على النفساء إذا أرادت الإحرام، وعلى المرأة إذا أهلت بعمرة ثم حاضت، ثم أرادت أن تهل بالحج، وقال بعض أهل الظاهر يجب الغسل على كل مريد للإحرام.

الغسل للطواف

** يسن الاغتسال قبل الطواف، وهل الاغتسال لدخول الحرم أو من أجل الطواف؟ فيه خلاف بين العلماء، فالجمهور على أنه لدخول الحرم فيشرع للحائض والنفساء، وذهب المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه من أجل الطواف فلا يشرع للحائض والنفساء، واستدل بحديث ابن عمر أنه: (كان إذا دخل الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوى ثم يصلي به الصبح ويغتسل، ويقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) [خ 1573]، وهذا الغسل للطواف، لأنه لو كان لدخول الحرم لكان الغسل مشروعا بمجرد دخوله أو قبيل دخوله، أما كونه يبيت ثم يغتسل فهذا يدل على أنه للطواف.

الغسل للعيدين

** اختلف العلماء في الغسل للعيدين، فالجمهور على أنه مستحب، وقال بعض العلماء إنه لا يشرع، ودليل من قال بالمشروعية ما يأتي: 

1- عن ابن السَّبَّاق -وهو من التابعين- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في جمعة من الجمع: (يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدا فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك) [ك، وسنده ضعيف] 

2- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى) [جه 1315، وضعفه البوصيري، وقال الألباني: ضعيف جدا] 

3- ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى" [ك 428، وسنده صحيح]، وابن عمر معروف بشدة اتباعه للسنة، وعن زاذان قال: "سأل رجل عليا رضي الله عنه عن الغسل، قال: اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا الغسل الذي هو الغسل، قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر" [هق 3/278، وسنده صحيح، وانظر زاد المعاد 1/441، 442] 

4- القياس على غسل الجمعة بجامع أن كلا منهما عيد للمسلمين.

الغسل ليوم عرفة

** اختلف العلماء هل يستحب الاغتسال ليوم عرفة على قولين، فالجمهور على استحباب ذلك وهو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى [مجموع الفتاوى 26/132، الفروع 1/203]، لكن نقل في الإنصاف عن شيخ الإسلام ابن تيمية إنه لا يستحب ذلك. [الإنصاف 1/250]، وظاهر كلام صاحب الفروع أن قول شيخ الإسلام موافق للجمهور، فإنه قال: "يستحب لدخول مكة، قال في المستوعب حتى لحائض، وعند شيخنا لا، ومثله اغتسال الحج، والوقوف بعرفة، وطواف زيارة ووداع (و) في الكل، ومبيت بمزدلفة، ورمي جمار، وخالف شيخنا في الثلاثة" يعني الثلاثة الأخيرة.

وفي المسألة أحاديث ضعيفة جدا أو موضوعة، ولكن فيها أثر عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة" [ك 711] وعن زاذان قال: "سأل رجل عليا رضي الله عنه عن الغسل، قال: اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا الغسل الذي هو الغسل، قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر) [هق 3/278، وسنده صحيح].

وقد يقال هنا إن الحج قد نَقَل أدق تفاصيله الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لتأخذوا مناسككم)، ولم ينقلوا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الغسل، فإن احتاج له لتطييب بدنه ونحوه فهو مشروع وإلا فليس هناك دليل واضح على مشروعيته، وقد يقال إن كون ابن عمر -رضي الله عنهما- وهو معروف بشدة اقتدائه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك يدل على المشروعية.

** يسن الغسل للوقوف بمزدلفة عند جمهور العلماء، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه غير مشروع، وهو الراجح لعدم الدليل، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال، غسل الإحرام والغسل عند دخول مكة والغسل يوم عرفة، وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمار وللطوف والمبيت بمزدلفة فلا أصل له لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه، ولا استحبه جمهور الأئمة لا مالك ولا أبو حنيفة ولا أحمد، وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه بل هو بدعة، إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب مثل أن يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها فيغتسل لإزالته" [مجموع الفتاوى 26/132]

** يسن الاغتسال لصلاة الكسوف والاستسقاء عند الشافعية والحنابلة، وقيل لا يستحب ذلك وهو قول عند الحنابلة، وهو الراجح لعدم الدليل.