الأحد 4 ربيع الأول 1446
حكم جلود السباع
الخميس 12 مايو 2022 2:00 مساءاً
526 مشاهدة
مشاركة

** جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية على جواز الانتفاع بجلود السباع بشرط الدباغ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي: لا يجوز الانتفاع بها قبل الدبغ ولا بعده، لما روى أبو ريحانة قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ركوب النمور) أخرجه أبو داود وابن ماجة. وعن معاوية والمقداد بن معد يكرب: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها) رواه أبو داود، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى عن افتراش جلود السباع)، وأما الثعالب فيبنى حكمها على حلها، وفيها للحنابلة روايتان، كذلك يخرج في جلودها، فإن قيل بتحريمها فحكم جلودها حكم جلود بقية السباع وكذلك السنانير البرية. [المغني 1/54، الموسوعة الفقهية 6/131] 

قال المرداوي: "قال الشيخ تقي الدين: وأما الثعلب ففيه نزاع، والأظهر جواز الصلاة فيه، والرواية الثانية الإباحة في غير الصلاة نص عليها وقدمها في الفائق، والرواية الثالثة الكراهة في الصلاة دون غيرها، والرواية الرابعة التحريم مطلقا اختارها الخلال ... وقال الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم: الخلاف هنا مبني على الخلاف في حلها" [الفروع مع تصحيح الفروع 1/105]

وقد سبق أن الدباغ لا يطهر إلا ما تحله الذكاة، وليس منه السباع فتكون نجسة، لكن استعمال النجس على وجه لا يتعدى فيه خلاف بين العلماء، على قولين: 

القول الأول: أنه لا يجوز استعمال النجس ولو على وجه لا يتعدى، وهو مذهب الجمهور.

القول الثاني: أنه يجوز ذلك وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بحديث جابر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاتل الله اليهود، إن الله تعالى حرم عليهم شحومها فجملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه) [خ، م] والمراد بقوله: هو حرام أي البيع، لأن الحديث أوله في تحريم بيع الخمر والميتة، ولأنه قال بعد ذلك عن اليهود في بيعهم ما حرم الله عليهم.

قال ابن القيم رحمه الله: "وفي قوله (هو حرام) قولان، أحدهما: أن هذه الأفعال حرام، والثاني: أن البيع حرام وإن كان المشتري يشتريه لذلك، والقولان مبنيان على أن السؤال منهم هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور أو وقع عن الانتفاع المذكور؟ والأول اختيار شيخنا وهو الأظهر، لأنه لم يخبرهم أولا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه، وإنما أخبرهم عن تحريم البيع، فأخبروه أنهم يبتاعونه لهذا الانتفاع، فلم يرخص لهم في البيع ولم ينههم عن الانتفاع المذكور، ولا تلازم بين جواز البيع وحل المنفعة، والله أعلم" [أعلام الموقعين 4/248، وانظر زاد المعاد 5/664]

ومعنى استعماله على وجه يتعدى استعماله في الوضوء والصلاة والأكل والشرب ونحوها، والمراد بعدم تعديه استعماله فيما يجري مجرى الإتلاف. [الفتاوى الكبرى 1/433] 

وعلى هذا يجوز استعمال الميتة وقودا، أو لإطعام الصقور، وإن كان بيع الميتة حراما؛ لأن الاستعمالات السابقة على وجه لا يتعدى. [زاد المعاد 5/668]