الأحد 4 ربيع الأول 1446
كيفية إزالة النجاسة
الخميس 12 مايو 2022 2:00 مساءاً
459 مشاهدة
مشاركة

** النجاسات ثلاثة أنواع:

1- نجاسة خفيفة. 2- نجاسة ثقيلة. 3- نجاسة متوسطة.

أولا: النجاسة الخفيفة، مثل: 

1- بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة فهذا يكفي فيه غمره بالماء مرة واحدة، وقيئه أخف حكما من بوله على القول بنجاسته.

2- المذي -على الصحيح- فإنه يكفي فيه النضح.

3- النجاسة على أسفل الخف والحذاء ونحوه فكيفي مسحها بالأرض والتراب كما صحت به الأحاديث وهو الموافق للحكمة الشرعية.

4- مسح السيف الصقيل وسكين الجزار ونحوها.

5- النجاسة التي على ذيل ثوب المرأة على الصحيح كما في الحديث أن امرأة سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر، فقالت أم سلمة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يطهره ما بعده) [ت 143، د 383، وصححه الألباني]، ومذهب الشافعية والحنابلة أنه إذا تنجس ذيل ثوب المرأة فإنه يجب غسله كالبدن، ولا يطهره ما بعده من الأرض.

ويرى المالكية ونقله بعضهم عن الإمام أحمد أنه يعفى عما يصيب ذيل ثوب المرأة اليابس من النجاسة إذا مرت بعد الإصابة على موضع طاهر، واشترط المالكية ما يأتي: 

أ- أن يكون الذيل يابسا وقد أطالته للستر، لا للزينة والخيلاء. 

ب- أن تكون النجاسة التي أصابت ذيل الثوب مخففة جافة، فإن كانت رطبة فإنه يجب الغسل، إلا أن يكون معفوا عنه كالطين. 

ج- وأن يكون الموضع الذي تمر عليه بعد الإصابة طاهرا يابسا. [الموسوعة الكويتية 29/111، الفتاوى الكبرى 5/311]

ثانيا: النجاسة الثقيلة، مثل:

نجاسة الكلب فإنه لابد فيها من سبع غسلات وأن يكون إحداها بتراب، كما سبق ذلك.

ثالثا: النجاسة المتوسطة.

وهي ما سوى ذلك من النجاسات على البدن أو الثوب أو الأواني ونحوها، فلابد فيها من زوال عينها.

** مذهب الحنابلة أن النجاسات نوعان باعتبار محلها: 

النوع الأول: النجاسات التي تكون على الأرض، فيكتفى فيها بغسلة واحدة تذهب عين النجاسة، واستدلوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الأعرابي الذي بال في المسجد فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء) [خ 220]، وجاءت القصة من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما قضى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء فأُهريق عليه) [خ 221، م 284]

النوع الثاني: النجاسات التي تكون على غير الأرض، فيشترط في تطهيرها سبع غسلات، ويضاف إلى ذلك التراب في نجاسة الكلب والخنزير، واستدلوا بحديث ابن عمر: (أمرنا بغسل الأنجاس سبعا)، أما إضافة التراب في نجاسة الكلب فدليلها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: (طَهورُ إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) [م 279]، ويقاس الخنزير على الكلب. 

والصحيح أن النجاسة متى زالت على أي وجه كان، بأي مزيل، فإن المحل يطهر من غير اشتراط عدد ولا ماء، إلا في نجاسة الكلب، ويدل لذلك ما يأتي:

1- أن جميع النصوص الواردة في غسل النجاسات لا قيد فيها ولا عدد، وهذا يدل على أن المقصود إزالتها فقط، كأمر المستحاضة بغسل ما أصاب ثيابها ونحو ذلك

2- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بصب ذنوب أو سجل من ماء على بول الأعرابي، ولم يأمر بزيادة على ذلك، والتفريق بكونها على الأرض دون غيرها غير صحيح، إذا الفرق غير واضح.

3- أن إزالة النجاسة من باب التروك التي يقصد تركها وإزالتها دون عدد ما تغسل به، فهي كغسل الطيب عن بدن المحرم، ولهذا لم يشترطوا فيها نية ولا فعلا من آدمي، فلو غسلها من غير نية، أو غسلها غير عاقل أو جاءها الماء فانصب عليها طهرت، بخلاف طهارة الحدث التي هي عبادة.

4- أنها لو لم تزل بسبع غسلات وجب الزيادة على ذلك بالاتفاق، فدل على عدم اعتبار السبع إلا فيما جعله الشارع شرطا فيه كنجاسة الكلب.

5- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمستحاضة: (واغسلي عنك الدم وصلي) [خ، م] وقال لأبي ثعلبة في آنية المجوس: (إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا)، وهذا يدل على أن النجاسة يزول حكمها بزوالها، ولو كان العدد واجبا لذكره، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

أما الحديث المروي عن ابن عمر: (أمرنا بغسل الأنجاس سبعا) فالجواب عنه من وجهين:

الأول: أنه حديث ضعيف لا أصل له ولم يثبت فلا يحتج به.

الثاني: على تقدير صحته فهو منسوخ، لأنه روي عن ابن عمر أنه قال:( كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرار وغسل البول من الثوب سبع مرار، فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا والغسل من الجنابة مرة وغسل البول من الثوب مرة) [حم 5850، د 247، وضعفه الألباني] 

** ذكر النووي أنه إن استنجى بشيء من أوراق المصحف عالما بذلك فإنه يكفر، واختلف العلماء في الاستنجاء بالكتب الشرعية، فقيل يكره وهو مذهب الحنفية، وقيل يحرم ويجزيء وهو مذهب المالكية، وقيل يحرم ولا يجزيء وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الصحيح، لأن الكتب الشرعية محترمة، ولأنها مال شرعا، وإزالة النجاسة به إتلاف لهذا المال، وقياسا على الاستنجاء بالعظم والروث، بجامع أنه ما فيه نفع يحرم إتلافه.

** هل يشترط عصر الثياب بعد غسلها من النجاسة؟ فيه خلاف بين العلماء على قولين، فالحنفية والحنابلة على وجوب ذلك، والشافعية والمالكية على عدم وجوب ذلك وهو الصحيح، ويدل لذلك حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم، فأتي بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله) [خ 6355، م 286]، ولأن الأصل عدم وجوب ذلك إلا بدليل.

** إذا تخللت الخمر بنفسها وتحولت إلى خل، فقد نقل ابن تيمية والنووي وابن هبيرة الإجماع على أنها تطهر، وقد روي عن سحنون من المالكية أنها لا تطهر وهو محجوج بالإجماع قبله.

** اختلف العلماء في معالجة الخمر حتى تصير خلا على أقوال:

القول الأول: أن معالجة الخمر حتى تصير خلا غير جائز، وهو مذهب الجمهور، وهو الراجح، فإن خللها لم تطهر عند الجمهور، وقال بعضهم إنه إن خللها حرم ذلك لكنها تطهر، واستدلوا بما يأتي: 

1- عن أنس -رضي الله عنه-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا، فقال: لا) [م 1983] 

2- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا؟ قال: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلا؟ قال: لا) [د 3675، وصححه الألباني] فهذا مال أيتام وحياطته آكد وألزم، ومع ذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإراقته.

القول الثاني: أنه مكروه تنزيها، وليس بمحرم، وهذا مذهب سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك، ورواية عن الإمام مالك، وقال: تطهر بالتخليل، وحملوا النهي على الكراهة.

القول الثالث: أنه يجوز تخليل الخمر، وهو مذهب أبي حنيفة، واستدلوا بما يأتي: 

1- عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نِعْم الأُدُمُ -ما يؤكل مع الخبز من الطعام- أو الإدام الخل) [م 2051] والشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن الخل إذا كان من الخمر.

2- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- مرفوعا: (خير خلكم خل خمركم) [هق 6/38، وقال الألباني: "منكر"]، والحديث قال فيه الحافظ: "وفي سنده المغيرة بن زياد وهو صاحب مناكير، وقد وثق، والراوي عنه حسن بن قتيبة قال الدارقطني متروك، وزعم الصغاني أنه موضوع وتعقبته عليه، وقال ابن الجوزي في التحقيق لا أصل له" [التلخيص الحبير 3/35] 

3- عن أم سلمة -رضي الله عنها-: (أنها كانت لها شاة تحلبها ففقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها أم سلمة، فقالت أم سلمة: ماتت يا رسول الله، قال: أفلا انتفعتم بإهابها؟ قالوا يا رسول الله: إنها ميتة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يحلها دباغها كما يحل خل الخمر) [طس 1/133، قط 1/49] والحديث ضعيف، قال البيهقي: "تفرد به فرج بن فضالة وهو ضعيف"، وضعفه الحافظ في التلخيص [التلخيص الحبير 1/50]