السبت 21 جمادي الأولى 1446
زيادة الدم أو نقصانه عن العادة
الأحد 29 مايو 2022 2:00 مساءاً
594 مشاهدة
مشاركة

أولا: زيادة الدم عن العادة، وقد اختلف الفقهاء في ذلك اختلافا كثيرا، وذكر الفقهاء تفاصيل لا يدركها إلا المتخصصون، فكيف يدركها أصحاب الشأن وهم النساء، فمذهب الحنفية أن زيادة العادة حيضا بشرط ألا يزيد على أكثر الحيض وهو عشرة أيام، فإن زاد عن عشرة فهو استحاضة، وهل تترك الصلاة والصيام إذا زاد الدم عن عادتها؟ فيه وجهان عند الحنفية، الأول: أنها لا تترك لاحتمال أن يزيد هذا الدم عن عشرة أيام فيكون استحاضة، والثاني: أنها تترك استصحابا للحال.

ومذهب المالكية أنه إذا زاد الدم فإنها تستظهر ثلاثة أيام من أيام الدم الزائد على أكثر عادتها، ثم تطهر بعد ذلك بشرط أن لا يتجاوز خمسة عشر يوما، فإذا اعتادت خمسة أيام أولا ثم تمادى مكثت ثمانية، فإن تمادى في المرة الثانية مكثت أحد عشر وهكذا لكن لا تزيد على الخمسة عشر، وأيام الاستظهار كأيام الحيض، أما الدم بعد الاستظهار فيما بين عادتها ونصف شهر استحاضة، لهذا فإنها تغتسل بعد الاستظهار وتصلي وتصوم وتوطأ.

ومذهب الشافعية أنه إن جاوز الدم عادتها ولم يعبر أكثر الحيض فالجميع حيض.

ومذهب الحنابلة أن الزيادة ليست بحيض حتى تتكرر ثلاثا، فإذا تكررت الزيادة ثلاثا فهو حيض، وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي قبل التكرار، وتغتسل عند انتهاء عادتها، وتغتسل ثانيا عند انقطاع الدم الزائد، فإذا تكرر ثلاثا صار عادة، وتعيد ما صامته من فرض.

والصواب ما اختاره المرداوي وجماعة من الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها متى رأت الدم فهي حائض، ومتى طهرت منه فهي طاهر، سواء زادت عادتها أو نقصت، وسواء تقدمت أم تأخرت، حيث علق الشارع أحكام الحيض بوجوده، وعلامة الطهر معروفة عند النساء وهو سائل أبيض يخرج إذا توقف الحيض، وهو القصة البيضاء، وبعض النساء لا تراه فعلامة طهرها أنها إذا احتشت بقطنة بيضاء أي أدخلتها محل الحيض وخرجت لم تتغير، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك المرأة المنتقلة إذا تغيرت عادتها بزيادة أو نقص أو انتقال فذلك حيض، حتى يعلم أنه استحاضة باستمرار الدم" [مجموع الفتاوى 21/609] وقال في الإنصاف: "وهو الصواب وعليه العمل، ولا يسع النساء العمل بغيره" [الإنصاف 1/372] ويدل لهذا القول ما يأتي: 

1- عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أنها قالت: "كان النساء يبعثن إلى عائشة -رضي الله عنها- بالدرجة -ضبط (الدِّرَجَة) وضبط (الدُّرْجَة) شيء تحتشي به المرأة لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء- فيها الكُرْسُف -القطن- فيه الصفرة من دم الحيضة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء" [ك 130، ورواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، وصححه النووي في المجموع 2/416] ووجه الدلالة أنه لو كانت المرأة ترجع إلى عادتها مطلقا لما احتاجت إلى أن تحتشي لتعرف هل بقي أثر الحيض، بل تجلس عادتها وتغتسل عند انقضائها ولو كان الدم جاريا، فدل ذلك على أن الزيادة والنقص هي من الحيض حتى ترى الطهر.

2- عموم قوله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فما دام الدم موجودا كان حكمه كذلك.

3- أن التفاصيل التي يذكرها الفقهاء من لزوم أن تتكرر العادة ثلاثا حتى تثبت ونحو ذلك، لم يذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ولم يعلمهم إياها، ولو كانت معتبرة لما جاز تأخير البيان عن وقت الحاجة. [الموسوعة الكويتية 18/305، موسوعة الدبيان: الحيض ص233-244]


ثانيا: نقصان الدم عن عادتها، بحيث تطهر المرأة قبل تمام العادة، وهنا اتفق الفقهاء على أنها تطهر بذلك، ولا تُتِم عادتها بشرط ألا يكون انقطاع الدم دون أقل الحيض، إلا أن الحنفية كرهوا للزوج وطأها حتى تمضي عادتها حتى وإن اغتسلت، والجمهور على أنه لا يكره وطؤها وهو الصحيح.