السبت 21 جمادي الأولى 1446
تقطع دم الحيض
الأحد 29 مايو 2022 2:00 مساءاً
1153 مشاهدة
مشاركة

ثالثا: تقطع في الحيض، بحيث ترى يوما دما ويوما نقاء، ففيه هذه المسألة خلاف كبير بين العلماء حتى في المذهب الواحد، وحاصل اختلاف العلماء يرجع إلى قولين: 

القول الأول: وهو مذهب الحنفية والشافعية، أن النقاء من الدم في أيام الحيض يعتبر حيضا، فلو رأت يوما دما، ويوما نقاء، بحيث لو وضعت قطنة لم تتلوث، فإن الجميع حيض، ما لم يتجاوز أكثر الحيض. 

القول الثاني: وهو مذهب المالكية والحنابلة، ويأخذون بمبدأ التلفيق: وهو أن تلفق حيضها من أيام الدم فقط، وتلغي أيام الطهر فتكون فيها طاهرا، تصلي وتصوم.

وتفصيل مذاهب العلماء كما يأتي:

فمذهب الحنفية فيه عدة أقوال، والمتأخرون من الحنفية يرجحون أنه إذا كان النقاء بين الدمين أقل من خمسة عشر يوما فهو حيض، لأن أقل الطهر خمسة عشر يوما.

ومذهب المالكية أن المرأة تلفق، فتجمع أيام الدم فقط لا أيام الطهر، ويختلف ذلك بين المبتدأة والمعتادة، فالمبتدأة تلفق نصف شهر، والمعتادة تلفق عادتها وتزيد ثلاثة أيام على عادتها، وهي التي تسمى أيام الاستظهار، لكن يشترط ألا تزيد أيام الحيض عن أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوما، فما زاد عن ذلك فهو استحاضة.

وحكم الملفقة أنها تغتسل وجوبا كلما انقطع الدم عنها في أيام التلفيق، إلا أن تظن أنه يعاودها قبل انقضاء وقت الصلاة التي هي فيه، فلا تؤمر بالغسل، وتصوم إن كانت قبل الفجر طاهرا، وتصلي بعد طهرها، وعلى هذا فيمكن أن تصلي وتصوم في جميع أيام الحيض بأن كان يأتيها ليلا وينقطع قبل الفجر حتى يغيب الشفق فلا يفوتها شيء من الصلاة والصوم، وتدخل المسجد، وتطوف الإفاضة، إلا أنه يحرم طلاقها ويجبر على مراجعتها. 

ومذهب الشافعية على التفريق بين النقاء والفترة، فالفترة عندهم هي الحالة التي ينقطع فيها الدم لكن لو احتشت فإنه يظهر الأثر، أما النقاء فهو انقطاع الدم ونقاء المجرى لو احتشت، فالفترة عند الشافعية حكمها حكم الحيض ولو طالت، أما النقاء ففيه خلاف في المذهب، فقيل إن النقاء حيض ما لم يزد المجموع عن أكثر الحيض وهذا هو المعتمد، ويسمى هذا قول السحب؛ لأننا سحبنا الحكم بالحيض على النقاء أيضا، وجعلنا الكل حيضا، وقيل إنها تلفق ويكون النقاء طهرا، ويسمى هذا قول اللقط؛ لأنا لقطنا أوقات النقاء وجعلناها طهرا.

ومذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعهما أكثر الحيض، وهو خمسة عشر يوما، فإن تجاوز فالدم بعد تلك المدة استحاضة، وكره الحنابلة الوطء في أيام النقاء، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه إذا كان الانقطاع أقل من يوم فليس بطهر، وإن بلغ يوما فأكثر فهو معتبر، والمقصود بالانقطاع هو الطهر الكامل حتى لو احتشت.

وقال ابن قدامة: "ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطهر بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم، وهو الصحيح إن شاء الله"

والأقرب للصواب أن التقطع له حالتان: 

الأولى: أن يكون هذا مع الأنثى دائما كل وقتها، فهذا دم استحاضة يثبت لمن تراه حكم المستحاضة.

الثانية: ألا يكون مستمرا مع الأنثى فيأتيها في بعض الوقت، ويكون لها وقت طهر صحيح، فالأقرب أنه حيض؛ لأن القصة البيضاء لا ترى فيه، ولأنه لو جعل طهرا لحصل به حرج ومشقة بالاغتسال وغيره كل يومين، والحرج منتف في الشريعة، ولأن الغالب أن هذا الانقطاع لا يكون معه نقاء كامل، فإن المرأة لو احتشت لوجدت الأثر، ولو كان النقاء كاملا لكان علامة على الطهر. [المجموع 2/522، المغني 1/257، الموسوعة الكويتية 18/304، 13/287، موسوعة الدبيان: الحيض ص247-259، الفقه الإسلامي وأدلته 1/619]