السبت 21 جمادي الأولى 1446
وجوب الاغتسال بعد الحيض
الأحد 29 مايو 2022 2:00 مساءاً
552 مشاهدة
مشاركة

ثانيا: يجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل، ويدل لذلك حديث لحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) [خ 320]، وقد سبق بيان صفة الغسل، وبيان حكم نقض شعر الرأس، وقد ذكر العلماء فروقا بين غسل الحيض والنفاس وبين غسل الجنابة، كما يأتي: 

1- أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره، أما في غسل الجنابة فيسن تقديم الوضوء، وهذا الفرق فيه نظر لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخلت أسماء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله: كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من المحيض؟ قال: تأخذ سِدْرها -السدر النبات المعروف ويستخدم لتنظيف البدن- وماءها فتوضأ، ثم تغسل رأسها وتدلكه حتى يبلغ الماء أصول شعرها، ثم تفيض على جسدها) [د 314، وصححه الألباني والدبيان] 

ولحديث أسماء بنت شَكَل أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال: (تأخذ إحداكن ماءها وسِدْرتها فَتَطَهَّر فتحسن الطُّهور، ثم تصب على رأسها فتدْلُكُهُ دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبُّ عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصَة مُمَسَّكَةً - أي قطعة قماش فيها مسك - فَتَطَهَّرُ بها، فقالت أسماء: وكيف تَطَهَّرُ بها؟ فقال: سبحان الله تطهرين بها ! فقالت عائشة -كأنها تخفي ذلك-: تَتَبَّعِين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة، فقال: تأخذ ماءً فَتَطَهَّرُ فتحسنُ الطُّهور أو تُبْلِغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء) [خ 314، م 332، واللفظ لمسلم]

قال النووي: "قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: التطهر الأول من النجاسة وما مسها من دم الحيض، وهكذا قال القاضي عياض والأظهر -والله أعلم- أن المراد بالتطهر الأول الوضوء كما جاء في صفة غسله -صلى الله عليه وسلم-" [شرح مسلم 4/15]

2- أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر بخلاف غسل الجنابة، ويدل لذلك حديث أسماء بنت شكل السابق، ولهذا فرق النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث بين غسل الجنابة وغسل الحيض فلم يذكر السدر في الحيض، وإذا لم تجد السدر فيكفي ما ينوب منابه من صابون ونحوه.

3- يستحب للحائض أن تأخذ شيئا من مسك فتجعله في قطنة أو خرقة وتضعه على فرجها بعد اغتسالها ومثلها النفساء، ويدل لذلك حديث أسماء بنت شكل السابق، قال ابن رجب: "وقد علل أحمد ذلك بأنه يقطع زفورة الدم، وهذا هو المأخذ الصحيح عند أصحاب الشافعي أيضا"، وهذا التعليل مقابل لمن قال إن المسك لأجل تطييب المحل ليكمل استمتاع الزوج بإثارة شهوته، ويدل للتعليل الأول أن المرأة المحدَّة على زوجها رُخص لها في استعمال ذلك الطيب في غسل الحيض لذلك الغرض، كما ثبت في حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: (كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عَصْب -نوع من الثياب اليمنية-، وقد رخص لنا عند الطُّهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نُبْذَةٍ -قطعة صغيرة- من كُسْتٍ -وجاء في رواية قُسْط وهو عود يجعل في البخور- وأَظْفَار -نوع من العود- وكنا ننهى عن اتباع الجنائز) [خ 313]