الجمعة 16 ربيع الأول 1446
صوم الحائض
الأحد 29 مايو 2022 2:00 مساءاً
493 مشاهدة
مشاركة

سادسا: يحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله ولا يصح منها، ويجب عليها قضاء الفرض منه، أما تحريم الصيام فيدل عليه حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال فذلك من نقصان دينها) [خ 304]، وأما وجوب القضاء فلحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" [م 335]، ونقل الإجماع على ذلك ابن المنذر وغيره من العلماء.

سابعا: إذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضا، أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام وصحيح على القول الراجح لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له، ولحديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم إذا رأت الماء) [خ 282، م 313] فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله، فكذلك الحيض.

ثامنا: إذا طهرت الحائض ليلا ونوت الصيام وأخرت الغسل حتى طلع الفجر ففيه خلاف بين العلماء: 

القول الأول: أنها إذا طهرت قبل الفجر بوقت يتسع للغسل فلم تغتسل حتى طلع الفجر أجزأها، وإذا كانت الوقت ضيقا لا يتسع للغسل لم يصح صومها، وهو مذهب الحنفية واختيار بعض المالكية، ويستثنى من ذلك عند الحنفية ما لو انقطع حيضا لأكثر الحيض أو انقطع النفاس لأكثره فيجزئها أن تنوي قبل الفجر وإن كان الوقت لا يتسع للغسل، واستدلوا بأنها إذا طهرت قبل الفجر في وقت يمكنها فيه الاغتسال ولم تغتسل حتى طلع الفجر فهي كالجنب، أما إن كان الوقت ضيقا فهي ليست مثله.

القول الثاني: أن صيامها صحيح، وهو مذهب الجمهور، وهو الصحيح، ويدل لذلك ما يأتي: 

1- قوله تعالى {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} فأباح الله تعالى المباشرة إلى تبين الفجر، فعلم أن الغسل يكون بعده.

2- أنها كالجنب إذا نوى الصيام ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صومه صحيح، لحديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم) [خ 1932، م 1109] والجنابة والحيض حدث أكبر.

القول الثالث: أنه لا يصح صيامها مطلقا حتى تغتسل، وهو قول عند الحنابلة وحكي قولا للأوزاعي. [الموسوعة الكويتية 18/319]

تاسعا: إذا طهرت الحائض في أثناء اليوم فالصحيح أنه لا يجب عليها الإمساك بل القضاء فقط، ويخالفها في الحكم من أسلم في أثناء النهار أو بلغ، والتفصيل في ذلك كما يأتي:

أولا: من زال المانع الذي عنده، أو زالت الرخصة التي أفطر بسببها، وجب عليه القضاء ولم يجب عليه الإمساك، مثاله الحائض والنفساء إذا طهرتا، والمسافر إذا قدم مفطرا، والمريض إذا بريء في نهار رمضان، لأنه أبيح لهم الفطر أول النهار، فلهم أن يستديموه إلى آخره، ولأنه لا يجمع عليهم بين وجوب الإمساك ووجوب القضاء، وهذا القول هو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد، والشافعية يرون أنه يستحب للقادم من السفر والمريض الذي بريء أن يصوم.

ثانيا: من تجدد سبب الوجوب عنده وجب عليه الإمساك ولم يجب عليه القضاء، مثاله: من بلغ في نهار رمضان، أو عقل في نهاره أو أسلم، لأن العبادة لا تلزم قبل وجود أسبابها، وهو مذهب أبي حنيفة على تفصيل عندهم واختلاف، وهو اختيار شيخ الإسلام. [الإنصاف 3/282، مجموع الفتاوى 25/109، شرح المشيقح 4/282-285]