الجمعة 16 ربيع الأول 1446
طلاق الحائض
الأحد 29 مايو 2022 2:00 مساءاً
457 مشاهدة
مشاركة

ثالث عشر: يحرم طلاق الحائض، لقوله تعالى {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملا أو طاهرا من غير جماع، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة، وإذا طلقت طاهرا بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر، فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فتغيظ فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) ويستثنى من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل:

الأولى: إذا كان الطلاق قبل أن يخلو بها أو يمسها، فلا بأس أن يطلقها وهي حائض، لأنه لا عدة عليها حينئذ، فلا يكون طلاقها مخالفا لقوله تعالى {فطلقوهن لعدتهن}.

الثانية: إذا كان الحيض في حال الحمل، وسبق بيان ذلك، وهذا على القول بأن الحامل تحيض.

الثالثة: إذا كان الطلاق على عوض، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض على الصحيح، وهو مذهب الحنابلة، لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (يا رسول الله إني ما اعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) [خ 5273] ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم- هل كانت حائضا أو طاهرا، ولأن هذا الطلاق افتداء من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان.

قال ابن قدامة معللا جواز الخلع حال الحيض: "لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولذلك لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- المختلعة عن حالها" [المغني 7/247]، ومنع المالكية من الخلع في زمن الحيض. [الفتاوى الكبرى 3/287، ثمرات التدوين مسألة 473]

وأما عقد النكاح على الحائض فلا بأس به لأن الأصل الحل، ولا دليل على المنع.

رابع عشر: اعتبار عدة الطلاق بالحيض: فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة، إن كانت من ذوات الحيض، ولم تكن حاملا لقوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} أي ثلاث حيض، فإن كانت حاملا فعدتها وضع الحمل كله، سواء طالت المدة أم قصرت لقوله تعالى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}، وإن كانت من غير ذوات الحيض كالصغيرة التي لم يبدأ معها الحيض والآيسة من الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض فعدتها ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}، وإن كانت من ذوات الحيض لكن ارتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مترفعا فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال السبب، هذا هو القول الصحيح الذي ينطبق على القواعد الشرعية، فإنه إذا زال ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم فإنها تعتد بسنة كاملة، تسعة أشهر للحمل احتياطا لأنها غالب الحمل، وثلاثة أشهر للعدة، أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة فليس فيه عدة إطلاقا لا بحيض ولا غيره، لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها}