الأحد 4 ربيع الأول 1446
المفسد الثاني: الأكل أو الشرب.
الخميس 26 يناير 2023 2:00 مساءاً
488 مشاهدة
مشاركة

المفسد الثاني: الأكل أو الشرب.

** الأكل والشرب مفطر بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}، وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (إذا نسي أحدكم فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) [خ 1933، م 1155]، ونقل الإجماع على ذلك ابن قدامة في المغني، وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى [25/219] 

** المنافذ للجوف على نوعين: 

النوع الأول: المنافذ الأصلية، وهي الفم والأنف بالاتفاق.

النوع الثاني: المنافذ غير الأصلية، كالعين، والأذن، والدبر، والفرج ومسام الجلد ونحو ذلك.

** إن أكل شيئا لا يغذي، فهل يفطر به؟ كما لو ابتلع خرزة، أو أدخل منظارا في فمه، ففيه خلاف بين العلماء: 

القول الأول: وهو مذهب الجمهور أن الصوم يفسد بكل ما وصل إلى الجوف، ولو كان مما لا يستفيد منه البدن.     

القول الثاني: وهو مذهب الحنفية أن الصوم يفسد بكل ما وصل إلى الجوف، لكن يشترط أن يكون مستقرا في المعدة، ولهذا نص الحنفية على أنه لو ابتلع لحما مربوطا بخيط، ثم انتزع الخيط من ساعته لم يفطر؛ لأنه ما دام في يده فله حكم الخارج، وإن انفصل الخيط أفطر. 

وبناء على هذا لا يكون منظار المعدة مفسداً للصيام، لأنه لا يستقر فيها، بل يخرج منها بعد إتمام العملية.

القول الثالث: وهو قول الحسن بن صالح (ت:199هـ)، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسبه النووي إلى بعض المالكية أنه لا يفطر بذلك؛ لأنه ليس أكلا ولا شربا، ولا تحصل به التغذية، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأظهر أنه لا يفطر بالكحل ولا بالتقطير في الإحليل -فتحة ذكر الرجل- ولا بابتلاع ما لا يغذي كالحصاة"، وقال: "الصائم نهي عن الأكل والشرب؛ لأن ذلك سبب التقوي، فترك الأكل والشرب الذي يولد الدم الكثير الذي يجري فيه الشيطان إنما يتولد من الغذاء لا عن حقنة ولا كحل"

والأقرب القول الثالث، ومذهب الجمهور أحوط، أما المنظار فإنه وإن كان يخرج من المعدة بعد إدخاله، لكن في العادة توضع عليه بعض المواد الدهنية لتسهيل دخوله إلى المعدة، أو يضخ عبر المنظار بعض المحاليل لإزالة العوالق عليه لتسهيل عملية التصوير، وهذا يجعله مفسدا للصوم من هذه الجهة؛ لأن الجسم سوف يمتصها ويتغذى عليها، فتكون كالأكل والشرب. 

[مجموع الفتاوى 20/528، 25/246، المجموع 6/340، الجوهرة النيرة 1/141، كشاف القناع 2/317، تبيين الحقائق 2/330، المغني 3/120، الشرح الممتع 6/370]

** إذا بالغ الصائم في الاستنشاق فلم يصل إلى جوفه شيء، فصومه صحيح بالاتفاق، فإن وصل شيء من الماء إلى جوفه ففيه خلاف على قولين: 

القول الأول: وهو مذهب الحنابلة وقول للشافعية أنه لا يفطر بذلك؛ لأنه عن غير عمد.

القول الثاني: وهو مذهب الجمهور أنه يفطر؛ لأنه متعد بالمبالغة.

وبناء على مذهب الحنابلة اختار مجمع الفقه الإسلامي أن قطرة الأنف وبخاخ الأنف لا يفطران كما سيأتي.

[المغني 3/123، المجموع 6/355، الفروع 3/57، التاج والإكليل 3/349، الحاوي الكبير 3/320]

** لا يفطر بذوق الطعام إذا لم يبلعه ولا بشم الطيب والبخور، ولا بشم بخار الطعام ونحوه، وقد ذهب بعض فقهاء المالكية إلى أن استنشاق بخار الطعام عمدا يفطر الصائم، وعللوا ذلك بأنه يسكن الإنسان وينشطه، والصواب أنه لا يعتبر من المفطرات، وما ذكروه من تعليل يجاب عنه بأن الإنسان قد يتنشط بالرائحة الطيبة من الطيب ونحوه وإن لم يكن لها جرم، ولا زال المسلمون في الصدر الأول يطبخون الطعام على الحطب، ولم يرد عنهم ما يدل على أن استنشاق دخان الحطب مفطر.

وعلى افتراض وصول جرم البخور باستنشاقه إلى الجوف، فإنه ما يصل الجوف منه أقل بكثير مما يصل الجوف من أثر المضمضة، والتي عفى عنها الشارع، ولا شك أن المضمضة تؤدي إلى أن يتحلل بعض الماء مع الريق وينزل الجوف، وهذا مما عفى عنه الشارع. [الموسوعة الكويتية 20/240، 28/35، النوازل في الصيام للطريفي ص23]

** إن ذاق طعاما لحاجة فوجد طعمه في حلقه أفطر على المذهب، والصحيح أنه لا يفطر وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه ليس هناك دليل على أن مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق، ولأنه غير متعمد لذلك، وأيضا فإن الطعم قد يصل إلى الحلق ولكن لا يبتلعه الإنسان ولا ينزل إلى الجوف، وقد يتجشأ أحيانا فيجد الطعم في حلقه لكن لا يصل إلى فمه فمثل هذا لا يفطر.

** يحوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش كالتبرد بالماء ونحوه لما جاء عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعَرْج -اسم موضع- يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر) [حم 15473، د 2365، وصححه الألباني]، وبل ابن عمر -رضي الله عنهما- ثوبا فألقاه على نفسه وهو صائم [خ تعليقا، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم].