الأحد 4 ربيع الأول 1446
الأجر على قدر المنفعة لا المشقة
الثلاثاء 31 يناير 2023 2:00 مساءاً
533 مشاهدة
مشاركة

الأجر على قدر المنفعة لا المشقة.

هذه القاعدة تتعلق بمقصد من مقاصد التكليف وهو رفع الحرج والمشقة، ومما ينبني على هذا المقصد أن العبد ليس له أن يقصد إلى المشقة في التكليف وإنما يقصد إلى العمل الأنفع سواء أكان يسيرا أم شاقا.

ويذكر بعض العلماء قاعدة: الأجر على قدر المشقة، والحق أن مثل هذه القاعدة تحتاج إلى تفصيل، فإذا عمل الإنسان الطاعة وصادفه في أثناء عمله لها مشقة فإن الأجر على قدر المشقة كما قال -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما اعتمرت من التنعيم عام حجة الوداع: (... ولكنها على قدر نصبك)، أما إذا تعمد الإنسان المشقة في فعل الطاعة كما لو كان عنده ماء بارد وآخر دافيء في اليوم الشديد البرد ثم استعمل البارد رغبة في الأجر فليس الأجر على قدر المشقة لأن المشقة هنا متعمدة.

والمقصود أن قاعدة الأجر على قدر المنفعة لا المشقة من القواعد التي تميز بها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ومن الأدلة عليها ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه)

ومن الأدلة أيضا الأحاديث التي فيها قليل العمل مقابل كثير الأجر كما قال -صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "مما ينبغي أن يُعْرَف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس، وحَمْلِها على المشاق، حتى يكون العمل كلما كان أشقَّ كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء، لا، ولكن الأجر على قدر منفعة العمل، ومصلحته وفائدته ... هذا في كل عبادة لا تقصد لذاتها، مثل الجوع، والسهر، والمشي" [مجموع الفتاوى 25/281، وينظر: 10/620]

وقال الشيخ بكر أبو زيد ما نصه: "الأجر على قدر المشقة: هذه العبارة من أقاويل الصوفية وهي غير مستقيمة على إطلاقها وصوابها الأجر على قدر المنفعة أي منفعة العمل وفائدته كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية" [معجم المناهي اللفظية ص80]